mardi 31 mars 2015

هـوامـش عـلى تـاريـخ الـفـنّ الـعـراقي الـحـديـث (1) : لـويـس روجـيـه، أسـتـاذ فـائـق حـسـن في بـوزار بـاريـس


                     


الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصـري



عـيّـن سـاطـع الـحـصـري مـديـراً لـلـمـعـارف في بـغـداد عـام 1930. وقـد حـاول خـلال الـسّـنـوات الّـتي شـغـل فـيـهـا هـذا الـمـنـصـب دفـع الـفـنّـانـيـن الـعـراقـيـيـن الـشّـبـاب إلى الـتـعـرّف عـلى الـثّـقـافـة الـحـديـثـة. ولا شـكّ في أنّ دوره كـان مـهـمّـاً في حـثّ الـحـكـومـة عـلى إرسـال الـدّارسـيـن لـلـفـنّ في بـعـثـات إلى أوربـا. وكـان أولـهـا إرسـال أكـرم شـكـري إلى إنـكـلـتـرة لـدراسـة الـفـنّ في لـنـدن مـن 1931 إلى 1932.

وقـد بـعـثـت الـحـكـومـة فـائـق حـسـن لـدراسـة الـفـنّ في الـمـدرسـة الـوطـنـيـة الـعـلـيـا لـلـفـنـون الـجـمـيـلـة (بـوزار بـاريـس) L'Ecole Nationale Supérieure des Beaux-Arts في فـرنـسـا في أواسـط الـثّـلاثـيـنـيـات. ويـبـدو أنّـه سـافـر إلى بـاريـس في 1935، في زمـن الـمـلـك غـازي الأوّل. 

وإذا كـان مـا ذكـر مـن أنّـه ولـد سـنـة 1914 صـحـيـحـاً فـهـذا يـعـنى أنّـه حـصـل عـلى الـبـعـثـة في سـنّ الـحـاديـة والـعـشـريـن. ولا شـكّ في أنّـه درس الـلـغـة الـفـرنـسـيـة سـنـة دراسـيـة كـامـلـة عـلى الأقـل لـيـسـتـطـيـع دخـول هـذه الـمـدرسـة ومـتـابـعـة  دروسـهـا. ويـبـدو أنّ فـائـق حـسـن عـمـل في مـرسـم الـفـنّـان الـفـرنـسي لـويـس روجـيـه Louis ROGERعـنـد دخـولـه إلى الـمـدرسـة، أي أنّـه تـتـلـمـذ عـلـيـه في حـدود عـام 1936.


فـمـن كـان لـويـس روجـيـه هـذا ؟

ولـد لـويـس فـرنـسـوا روجـيـه Louis- François ROGER  في 1874. ولا نـعـرف في ايّـة سـنـة دخـل الـبـوزار ولـكـنـنـا نـعـرف أنّـه كـان مـن تـلامـيـذ الـرّسّـام لافـون Lafon ، ثـمّ مـن تـلامـيـذ الـفـنّـان بـنـجـامَـن كـونـسـتـان Benjamin CONSTANT. كـمـا اشـتـغـل في مـرسـم الـرّسّـام والـنّـحّـات جـان بـول لـورنـس Jean-Paul LAURENSE .

وفي عـام 1899، حـصـل عـلى جـائـزة رومـا في الـرّسـم عـلى لـوحـة مـازالـت دار الـبـوزار في بـاريـس تـحـتـفـظ  بـهـا  عـنـوانـهـا  : "هـرقـل بـيـن الـرّذيـلـة والـفـضـيـلـة  Hercule entre le Vice et la Vertu". وحـصـل عـلى الـمـيـدالـيـة الـبـرونـزيـة في الـرّسـم في مـعـرض بـاريـس الـعـالـمي لـعـام 1900. وفي 1911 شـارك مـع أسـتـاذه الـقـديـم لافـون في رسـم جـداريـات سـلّـم الـشّـرف الـعـريـض في دار بـلـديـة مـديـنـة ريـن Rennes  في فـرنـسـا، وجـداريـات قـاعـة الـزّواج فـيـهـا. 
 

ويـبـدو أنّـه مـارس الـتّـدريـس في بـوزار بـاريـس بـيـن 1919 و 1921 أي عـنـدمـا كـان بـيـن الـخـامـسـة والأربـعـيـن والـسّـابـعـة والأربـعـيـن مـن عـمـره. وإذا مـا قـبـلـنـا مـا كـتـب مـن أنّ فـائـق حـسـن اشـتـغـل في مـرسـمـه في حـدود سـنـة 1936 فـهـذا يـعـني أنّ لـويـس روجـيـه درّس في الـبـواز حـتّى تـجـاوز سـنّ الـثّـانـيـة والـسّـتـيـن.

وقـد تـوفي لـويـس روجـيـه في بـاريـس سـنـة 1953 بـعـد أن بـلـغ الـتّـاسـعـة والـسّـبـعـيـن مـن عـمـره.


مـاذا بـقي مـن أعـمـالـه ؟

تـذكـر أرشـيـفـات بـوزار بـاريـس L'Ecole Nationale Supérieure des Beaux-Arts رسـمـاً أكـاديـمـيـاً نـفّـذه لـويـس روجـيـه في 1893عـن رأفـة الـقـديـس مـارتـيـن La charité de Saint martin


ولـوحـة زيـتـيـة بـنـفـس الـعـنـوان رسـمـهـا في ذلـك الـعـام، ثـمّ لـوحـة "هـرقـل بـيـن الـرّذيـلـة والـفـضـيـلـة  Hercule entre le Vice et la Vertu" الّـتي حـصـل بـهـا عـلى جـائـزة رومـا في 1899، ثـمّ لـوحـة رسـمـهـا في 1899 أيـضـاً : La Résigation  ،
 

ولـوحـة أريـان وبـاخـوس Ariane et Bacchus  (1903).

كـمـا أنّ مـتـحـف مـديـنـة ريـن Rennes  في فـرنـسـا يـحـتـفـظ بـلـوحـة : "عـمـال طـريـق يـكـتـشـفـون هـيـاكـل مـحـاربـيـن Terrassiers découvrant des squelettes de guerriers" الّـتي رسـمـهـا لـويـس روجـيـه عـنـدمـا كـان في رومـا.
 

ووجـدتُ أيـضـاً ثـلاث لـوحـات بـيـعـت في مـزادات فـنّـيـة : كُـلـيـبـان وقُـطـيّـط Deux chiots et un châton  الّـتي رسـمـهـا في 1897 
 

و Le labeur sur le chantier في 1908،
 

و"صـورة كـلـو كـلـو  Portrait de Clo clo" في 1912.
 

ووضـعـت لـكـم في بـدايـة الـمـقـال صـورة الـلـوحـات الّـتي مـا زالـت تـزيّـن قـاعـة الـزّواج في دار بـلـديـة مـديـنـة ريـن Rennes في فـرنـسـا.


وهـذه الـلـوحـات كـمـا تـلاحـظـون أكـاديـمـيـة كـلاسـيـكـيـة تـقـلـيـديـة نـفّـذت بـطـريـقـة مـتـواضـع عـلـيـهـا لا ابـتـكـار فـيـهـا ولا تـجـديـد. ونـدرك مـن خـلالـهـا عـمـق الـهـوة الّـتي كـانـت تـفـصـل بـيـن تـدريـس مـدرسـة الـبـوزار ومـمـارسـات أسـاتـذتـهـا وبـيـن حـركـات الـتّـجـديـد الّـتي تـتـابـعـت في فـرنـسـا مـنـذ مـنـتـصـف الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر والّـتي أوصـلـت الـفـنّ إلى مـرحـلـة الـحـداثـة.

ونـدرك مـن عـزلـة  بـوزار بـاريـس  L'Ecole Nationale Supérieure des Beaux-Arts  عـن الـحـركـات الـفـنّـيـة الـتّـجـديـديـة لـمـاذا لـم يـكـتـشـف فـائـق حـسـن الـحـداثـة الـفـنّـيـة إلّا عـن طـريـق الـفـنّـانـيـن الـبـولـنـديـيـن الّـذيـن وصـلـوا إلى بـغـداد ضـمـن قـوّات الـ Polish II corps  في 1943 والّـذيـن كـانـوا هـم أيـضـاً قـد درسـوا الـفـنّ في بـاريـس واكـتـشـفـوا الـحـداثـة فـيـهـا، مـع أنّ فـائـق حـسـن كـان قـد قـضى أكـثـر مـن ثـلاث سـنـوات في بـاريـس قـبـل أن يـعـود إلى بـغـداد في عـام 1938 لـيـدرس الـفـنّ فـيـهـا.   

يـقـول فـائـق حـسـن  في حـديـثـه عـن الـفـنّـانـيـن الـبـولـنـديـيـن :  "هـؤلاء الـرّسّــامـيـن  نـبـهـونـا إلى عـاديـة الأسـالـيـب الـواقـعـيـة والأكـاديـمـيـة  فـتـجـاوزنـاهـا وتـركـنـاهـا. لـقـد نـبّـهـونـا إلى الـلـون وإشـعـاعـاتـه، فـالأكـاديـمـيـة والـواقـعـيـة لا تـعـتـمـدان عـلى دراسـة لـونـيـة خـاصـة. كـنّـا قـبـل هـذه الـفـتـرة نـهـتّـم بـدراسـة الأشـكـال فـقـط، أمـا بـعـد أن تـعـرّفـنـا عـلى الـرّسّـامـيـن الـبـولـنـديـيـن، فـقـد تـحـررنـا مـن تـلـك الـقـيـود وانـطـلـقـنـا إلى عـالـم الألـوان الـلا مـحـدود". 



©  حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح كـامـل الـنّـاصـري.  
     يـرجى طـلـب الإذن مـن الـكـاتـب قـبـل إعـادة نـشـر هـذا الـمـقـال.            

2 commentaires:

  1. Ce commentaire a été supprimé par l'auteur.

    RépondreSupprimer
  2. أول مقال مهم عن لويس روجيه، أستاذ فائق حسن عندما كان في البوزار في باريس

    RépondreSupprimer