jeudi 21 septembre 2017

الـفـنّـانـة الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء زيـد




 




الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصـري

يـقـيـم الـ "تـيـت مـودرن  The Tate Modern" في لـنـدن مـنـذ 13 حـزيـران مـن هـذا الـعـام مـعـرضـاً اسـتـعـاديـاً لـلـفـنّـانـة الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء زيـد Fahrelnissa Zeid، زوجـة الأمـيـر زيـد بـن الـحـسـيـن.  وكـان الأمـيـر زيـد الـشّـقـيـق الأصـغـر لـفـيـصـل الأوّل، مـلـك الـعـراق، وعـمّ الـمـلـك غـازي.
وسـيـسـتـمـر الـمـعـرض حـتّى 8 تـشـريـن الأوّل 2017.

فـخـر الـنّـسـاء

ولـدت فـخـر الـنّـسـاء في إسـطـنـبـول عـام 1901. وكـان والـدهـا مـحـمّـد شـاكـر بـاشـا دبـلـومـاسـيـاً وهـاويـاً لـلـتّـصـويـر، ووالـدتـهـا سـارة عـصـمـت هـانـم (أصـلـهـا مـن جـزيـرة كـريـت).


درسـت فـخـر الـنّـسـاء في ثـانـويـة فـرنـسـيـة : لـيـسـيـه نـوتـردام دو سـيـون  Lycée Notre Dame de Sion في إسـطـنـبـول، ثـمّ قـبـلـت عـام 1919 في أكـاديـمـيـتـهـا لـلـفـنـون الـجـمـيـلـة، الّـتي تـعـلّـمـت فـيـهـا الـتّـقـنـيـات الـتّـراثـيـة والـجـديـدة، وتـعـرّفـت عـلى الأسـالـيـب الـفـنّـيـة الـكـلاسـيـكـيـة والـحـديـثـة.


 
وفي عـام 1919 أو 1920، تـزوّجـهـا الـرّوائي عـزّت مـلـيـح ديـفـريـم، وكـانـت في الـثّـامـنـة عـشـرة أو الـتّـاسـعـة عـشـرة مـن عـمـرهـا، واصـطـحـبـهـا إلى مـديـنـة الـبـنـدقـيـة  Vaneziaفي إيـطـالـيـا لـقـضـاء شـهـر الـعـسـل. 



وزارا مـتـاحـفـهـا وكـثـيـراً مـن مـعـارض الـفـنّ فـيـهـا. ويـبـدو أنّـهـا أقـامـت أوّل مـعـارضـهـا الأوربـيـة فـيـهـا. ثـمّ أنـجـبـت مـنـه ولـديـن وبـنـتـاً. 

وسـافـرت عـام 1928 إلى بـاريـس والـتـحـقـت فـيـهـا بـأكـاديـمـيـة رانـسـون   Académie Ranson (1)  وتـابـعـت دروس الـفـنّـان روجـيـه  بـيـسـيـيـر Roger Bissière (2)، وزارت الـمـتـاحـف الأوربـيـة الّـتي سـحـرتـهـا فـيـهـا أعـمـال عـصـر الـنّـهـضـة الإيـطـالـيـة، وتـأثّـرت في فـتـرة مـن فـتـراتـهـا بـأعـمـال الـفـنّـان الـفـلامـيـنـكي بـيـتـيـر بـروغـل الأب Pieter Breughel وأعـمـال ابـنـه يـان بـروغـل Jan Breughel
ثـمّ عـادت إلى إسـطـنـبـول في الـعـام الـتّـالي.

وكـان مـلـك الـعـراق فـيـصـل الأوّل قـد عـيّـن شـقـيـقـة الأصـغـر الأمـيـر زيـد بـن الـحـسـيـن وزيـراً مـفـوّضـاً لـلـعـراق في أنـقـرة، عـاصـمـة تـركـيـا. والـتّـقى الأمـيـر زيـد في أنـقـرة بـفـخـر الـنّـسـاء عـام 1933. وطـلـبـت الأمـيـرة الـطّـلاق مـن زوجـهـا،  ثـمّ تـزوّجـهـا الأمـيـر زيـد في أثـيـنـا عـام 1934، وأنـجـبـت مـنـه الأمـيـر رعـد بـن زيـد في بـرلـيـن (ألـمـانـيـا) عـام 1936 عـنـدمـا كـان الأمـيـر زيـد وزيـراً مـفـوّضـاً فـيـهـا. 
وكـانـت الـمـمـلـكـة الـعـراقـيـة قـد أقـامـت عـلاقـات دبـلـومـاسـيـة مـع ألـمـانـيـا لأوّل مـرّة وعـيّـن الأمـيـر زيـد أوّل وزيـر مـفـوّض في بـرلـيـن عـام 1935.



ولـديـنـا صـورة لـهـا الـتـقـطـت في تـلـك الـفـتـرة في حـمـامـات مـنـابـع الـمـيـاه الـسّـاخـنـة في  Karlsbad :



وعـنـدمـا انـدلـعـت الـحـرب الـعـالـمـيـة الـثّـانـيـة عـام 1939، عـاد الأمـيـر زيـد بـن الـحـسـيـن إلى بـغـداد مـصـطـحـبـاً زوجـتـه الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء.


ولـديـنـا لـوحـة رسـمـتـهـا لـبـغـداد :


وأخـرى رسـمـتـهـا في بـغـداد لـبـائـعـات الـلـبـن (أضـع مـا وجـدتـه مـنـهـا في انـتـظـار الـحـصـول عـلى صـورة أكـمـل لـهـا) :


 وأخـرى نـرى فـيـهـا بـائـعـة لـبـن :






ونـلاحـظ في هـذه الـلـوحـة اتـجـاهـاً نـحـو الـتّـخـلـص مـن الـتّـفـاصـيـل واخـتـزالاً لـلأشـكـال.



ويـبـدو أنّ الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء ضـاقـت بـحـيـاتـهـا الـرّتـيـبـة في بـغـداد فـنـصـحـهـا طـبـيـبـهـا بـأن تـعـود إلى بـاريـس. وقـضـت الـسّـنـوات الـتّـالـيـة بـيـن بـاريـس وبـودابـسـت وإسـطـنـبـول.

وقـد أقـامـت في إسـطـنـبـول عـام 1941 وانـغـمـسـت في حـركـة الـتّـجـديـد الـفـنّي فـيـهـا، وشـاركـت في نـشـاطـات جـمـاعـة الـ  D.group.   

ولـديـنـا لـوحـة رسـمـتـهـا عـام 1943 عـنـوانـهـا : "مـسـافـرو الـدّرجـة الـثّـالـثـة  Third Class Passengers"



وأقـامـت في عـام 1944 أوّل مـعـارضـهـا الـشّـخـصـيـة الّـذي ضـمّ حـوالي 170 لـوحـة، وكـان حـدثـاً لـم يـسـبـق لـه مـثـيـل لـفـنّـانـة في تـركـيـا. وأقـامـت مـعـارض أخـرى في تـركـيـا.
وقـد رسـمـت في هـذا الـعـام صـورتـهـا الّـتي وضـعـتـهـا في بـدايـة هـذا الـمـقـال.

وفي عـام 1946 قـدّمـت الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء لـوحـتـيـن عـرضـتـا في مـعـرض الـفـنّ الـحـديـث الّـذي أقـامـتـه هـيـئـة الأمـم الـمـتّـحـدة. 
وفي هـذا الـعـام عـيّـن زوجـهـا الأمـيـر زيـد بـن الـحـسـيـن وزيـراً مـفـوّضـاً لـلـعـراق في لـنـدن، وانـتـقـلـت مـعـه إلى الـعـاصـمـة الـبـريـطـانـيـة. ويـبـدو أنّـهـا حـوّلـت إحـدى غـرف الـسّـفـارة إلى مـرسـم كـانـت تـقـضي فـيـه سـاعـات طـويـلـة.

كـمـا فـتـحـت لـهـا مـرسـمـاً في بـاريـس، ووثّـقـت عـلاقـات صـداقـة بـالـكـاتـبـة الأمـريـكـيـة جـرتـرود شـتـايـن Gertrude Stein، وبـكـثـيـر مـن الـفـنّـانـيـن مـثـل سـيـرج بـولـيـاكـوف Serge Poliakoff  وسـونـيـا دولـونـيـه  Sonia Delaunay.



وقـد شـاركـت الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء في أواخـر سـنـوات أربـعـيـنـيـات الـقـرن الـمـاضي وأوائـل خـمـسـيـنـيـاتـه في مـعـارض جـمـاعـة "مـدرسـة بـاريـس الـجـديـدة  La nouvelle école de Paris"  إلى جـانـب بـيـيـر سـولاج Pierre Soulages  ومـاريـا هـيـلـيـنـا فـيـيـرا دا سـيـلـفـا  Maria Helena Vieira da Silva.

وتـحـولـت شـيـئـاً فـشـيـئـاً نـحـو الـتّـجـريـد، وإن امـتـزجـت في لـوحـاتـهـا تـأثـيـرات الـفـنـون الـشّـرقـيـة والـغـربـيـة بـمـا فـيـهـا الـتّـشـكـيـلات الـهـنـدسـيـة الـمـعـقّـدة لـلـفـنّـيـن الـبـيـزنـطي والإسـلامي. 

رسـمـت في عـام 1947 لـوحـتـهـا "شِـجـار ضـدّ الـتّـجـريـد  Dispute contre l’Abstraction" (3) (زيـت عـلى قـمـاش، 101×151 سـم.) 



الّـتي نـلـمـس فـيـهـا ابـتـعـاداً عـن الأسـلـوب الـواقـعي الـتّـشـخـيـصي والّـذي قـادهـا بـعـد ذلـك إلى الـتّـجـريـد، رغـم أنـنـا مـا زلـنـا نـلـمـح فـيـهـا بـأشـكـال أوجـه وأذرع وقـبـضـة يـد. وقـد جـزأت الـفـنـانـة كـتـل الـتّـشـكـيـل وكـسـرتـهـا إلى شـظـايـا فـارغـة أو مـلـيـئـة بـالألـوان. وقـد أحـاطـتـهـا بـخـطـوط سـوداء عـريـضـة شـاع اسـتـعـمـالـهـا في الـفـنّ الـغـربي الـحـديـث مـنـذ أن أدخـلـهـا إمـيـل بـرنـار في لـوحـاتـه مـنـذ عـام 1889 عـنـدمـا أطـلـق أسـلـوب "الـعـزلـيـة  cloisonnisme". وأشـهـر مـن اسـتـعـمـلـهـا في بـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن فـرنـانـد لـيـجـيـه. ويـبـدو أنّـهـا تـأثـرت أيـضـاً بـالـزّجـاجـيـات الـمـلـوّنـة (الّـتي كـانـت تـوضـع خـاصـة عـلى نـوافـذ الـكـنـائـس) الّـتي كـانـت فـيـهـا فـتـائـل مـن الـرّصـاص تـربـط قـطـع الـزّجـاج الـمـلـوّن فـيـمـا بـيـنـهـا.

ورسـمـت عـام 1948 لـوحـة "مـشـاكـل وجـدت لـهـا حـلـول  Resolved Problems"




الّـتي وصـلـت بـهـا إلى الـتّـجـريـد الـتّـام. وهي لـوحـة تـتـوهـج فـيـهـا قـطـع مـتـجـاورة مـن ألـوان زاهـيـة : حـمـراء وزرقـاء وصـفـراء وخـضـراء ... لا نـعـرف فـيـهـا أيـن الـخـلـفـيـة وأيـن مـقـدمـة الـلـوحـة. تـبـدو لـنـا في وسـطـهـا قـصـاصـات لـونـيـة عـلى خـلـفـيـة حـمـراء وفي أطـرافـهـا عـلى خـلـفـيـة زرقـاء أو خـضـراء.

كـمـا أقـامـت في ذلـك الـعـام مـعـرضـاً شـخـصـيـاً في سـانـت جـورج غـالـيـري  St Georges’s Gallery في لـنـدن،  والّـذي عـرضـت فـيـه 57 عـمـلاً.
 
ورسـمـت الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء عـام 1951 لـوحـة واسـعـة الـمـقـايـيـس، يـتـجـاوز عـرضـهـا الـخـمـسـة أمـتـار أسـمـتـهـا "جـهـنـمي  My Hell"، 



يـبـدو أنّـهـا اسـتـوحـتـهـا مـن تـشـكـيـلات الـفـنّ الإسـلامي ومـعـمـاره الّـتي تـخـلـو في غـالـبـهـا مـن الـتّـشـخـيـص ويـطـغي عـلـيـهـا الـتّـجـريـد. والـلـوحـة أربـعـة مـنـاطـق تـحـتـلّ كـلّ واحـدة مـنـهـا حـوالي ربـع الـلـوحـة، نـقـرأهـا مـن الـيـسـار إلى الـيـمـيـن (لأنّ تـوقـيـع الـفـنّـانـة الّـذي يـنـهي الـعـمـل يـخـتـبئ في أسـفـل يـمـيـن الـلـوحـة). يـطـغي عـلى كـلّ واحـدة مـنـهـا لـون (أو يـخـلـو مـنـه) لـيـمـتـزج بـخـلـفـيـة الـلـوحـة الـبـيـضـاء الـمـغـطـاة بـقـصـاصـات وبـقـع رصـاصـيـة وسـوداء. أضـافـت الأصـفـر عـلى الـجـزء الأيـسـر وتـركـت الـجـزء الـتّـالي "فـارغـاً" ثـمّ أضـافـت الأحـمـر في الـثّـالـث، والأحـمـر والأصـفـر في أقـصي الـيـمـيـن.

وشـاركـت في ذلـك الـعـام في صـالـون الـواقـعـيـات الـجـديـدة  Salon des réalités nouvelles في بـاريـس. وقـد شـاركـت فـيـه بـعـد ذلـك في أعـوام 1953 و 1954 و 1955.

كـمـا رسـمـت لـوحـة "سـمـنـدر الأخـطـبـوط  Triton Octopus "  عـام 1953، (زيـت عـلى قـمـاش، 181×270 سـم.).


 ولـوحـة "نـحـو الـسّـمـاء" :



وأقـيـم لـهـا مـعـرض في Galerie Dina Vierny في بـاريـس مـن 4 كـانـون الأوّل إلى 1953 إلى 7 كـانـون الـثّـاني 1954 :



عـرضـت فـيـه آخـر لـوحـاتـهـا مـثـل "سـمـنـدر الأخـطـبـوط" و "وبـحـر سـارغـاسـو"، وانـتـقـل الـمـعـرض بـعـد ذلـك إلى لـنـدن وأقـيـم في مـعـهـد الـفـنـون الـمـعـاصـرة Institute of Contemporary Arts .

وأقـيـم لـهـا في تـشـريـن الـثّـاني عـام 1955 في مـكـتـبـة وغـالـيـري La hune في بـاريـس مـعـرض ضـمّ أعـمـال الـغـواش والـلـيـثـوغـراف الّـتي انـتـجـتـهـا. وقـد كـتـب اسـمـهـا بـإمـلاء مـخـتـلـف : 
nissa ZeidFakhr-el-


وقـد عـادت الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء مـراراً إلى الـعـراق مـع زوجـهـا الأمـيـر زيـد، ونـجـد لـوحـة رسـمـتـهـا عـام 1957 بـأسـلـوب يـشـبـه أسـالـيـب الـمـنـمـنـمـات الـشـرقـيـة أسـمـتـهـا "عـيـد في الـصـحـراء" :

 
وبـعـد ثـورة 14 تـمّـوز 1958 في الـعـراق، بـقي الأمـيـر زيـد بـن الـحـسـيـن في لـنـدن، ولـكـن سـفـيـراً جـديـداً عـيّـن بـدلاً مـنـه، فـتـرك وزوجـتـه الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء سـكـنـهـمـا الـبـاذخ في الـسّـفـارة وانـتـقـلا إلى شـقّـة صـغـيـرة أجّـراهـا في الـعـاصـمـة الـبـريـطـانـيـة. ولأنّـهـمـا فـقـدا خـدم الـسّـفـارة وطـبّـاخـيـهـا فـقـد شـرعـت الأمـيـرة بـالـطـبـخ. وقـد وضـعـت في مـرّة مـن الـمـرّات ديـكـاً رومـيـاً (عـلي شـيـش) في الـفـرن. وبـعـد أن أكـلـتـه مـع زوجـهـا أبـقـت بـعـض عـظـامـه الّـتي أعـجـبـتـهـا أشـكـالـهـا ورسـمـت عـلـيـهـا :



وقـد رسـمـت بـعـد ذلـك عـلى أعـداد مـن عـظـام الـدّجـاج أيـضـاً. كـمـا نـفّـذت بـعـد ذلـك مـنـحـوتـات مـن عـظـام الـدّجـاج الـمـحـاطـة بـالـرّاتـنـج.

كـمـا رسـمـت عـلى قـطـع مـن الـرّاتـنـج الـمـصـبـوبـة في ألـواح مـن الـبـولـيـسـتـيـر لـتـتـوصـل إلى أعـمـال فـنّـيـة تـشـبـه زجـاجـيـات الـنّـوافـذ الـمـلـوّنـة.

ولـديـنـا لـوحـة رسـمـتـهـا عـام 1959 عـنـوانـهـا "تـشـكـيـل أحـمـر Red composition" :



تـدلّ عـلى أنّ الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء اسـتـمـرّت في أسـلـوبـهـا الـتّـجـريـدي إلى نـهـايـة الـخـمـسـيـنـيـات عـلى الأقـل.

ثـمّ بـدأت بـعـد ذلـك، شـيـئـاً فـشـيـئـاً ،مـرحـلـة جـديـدة عـادت فـيـهـا إلى رسـم صـور أهـلـهـا وأصـدقـائـهـا بـأسـلـوب فـيـه نـوع مـن الـتّـشـخـيـصـيـة، وإنّ كـانـت تـبـغي بـه تـخـطي تـقـلـيـد مـظـاهـر الأشـيـاء والـتّـعـبـيـر عـن أعـمـاق "الـرّوح" مـن خـلال نـظـرات الـمـرسـوم .


 
وتـوفي زوجـهـا الأمـيـر زيـد عـام 1970 بـاريـس، ثـمّ تـزوّج ابـنـهـا الأمـيـر رعـد وانـتـقـل إلى عـمّـان، في الأردن، لـيـقـيـم بـهـا.

وإنـتـقـلـت الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء في 1975 إلى عـمّـان لـتـقـتـرب مـن ابـنـهـا الأمـيـر رعـد. وأنـشـأت في الـعـاصـمـة الأردنـيـة "مـعـهـد فـخـر الـنّـسـاء زيـد لـلـفـنـون الـجـمـيـلـة" الّـذي درّسـت فـيـه الـفـنّ لـعـدد مـن الـطّـلـبـة والـطّـالـبـات الّـذيـن أصـبـح بـعـضـهـم مـن الـفـنّـانـيـن الـمـعـروفـيـن.

واسـتـمـرّت تـرسـم بـأسـلـوبـهـا "الـتّـلـقـائي الـتّـعـبـيـري"، ونـفّـذت عـدداً مـن صـور أهـلـهـا وأصـدقـائـهـا، مـن غـيـر أن تـتـرك تـفـضـيـلـهـا لـمـقـايـيـس الـلـوحـات الـشّـديـدة الـسّـعـة.

رسـمـت عـام 1980 لـوحـة "شـخـص مـا مـن الـمـاضي  Someone from the Past" :



 ونـلاحـظ كـيـف أنّـهـا تـركـت الـكـلاسـيـكـيـة الأكـاديـمـيـة الّـتي تـعـلـمـتـهـا في مـدارس الـفـنّ، كـمـا تـركـت تـجـاربـهـا الـتّـجـديـديـة الّـتي قـادتـهـا إلى الـتّـجـريـد، لـتـصـل إلى نـوع مـن الـتّـلـقـائـيـة الـتّـعـبـيـريـة، لا تـقـلّـد فـيـهـا مـظـاهـر الأشـيـاء ولا تـلـهـيـهـا الـتّـفـاصـيـل، وإنّـمـا تـغـور في أعـمـاقـهـا لـتـخـرج لـنـا هـذه الـرؤيـا الـثّـاقـبـة الـنّـظـرات تـنـبـثـق مـن الـخـلـفـيـة الـمـظـلـمـة وتـنـيـر الـوجـه الـمـورّد والـثّـوب الـمـطـرّز والـيّـد الـيـمـنى الـرّقـيـقـة الإضـاءة. 

وقـد شـاركـت الأمـيـرة فـخـر الـنّـسـاء خـلال سـنـوات نـشـاطـاتـهـا الـفـنّـيـة في حـوالي 50 مـعـرضـاً في أرجـاء أوربـا والـولايـات الـمـتّـحـدة ودول الـشّـرق، تـابـع مـحـبـو الـفـنّ فـيـهـا تـحـولاتـهـا الأسـلـوبـيـة الـمـسـتـمـرّة وبـحـثـهـا الـدّائـب عـن أشـكـال فـنّـيـة جـديـدة.
وقـد وافـاهـا الأجـل في عـمّـان عـام 1991، ودفـنـت فـيـهـا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)  إعـتـمـدت في كـتـابـة هـذا الـعـرض الـسّـريـع عـلى عـدد كـبـيـر مـن الـمـراجـع والـمـواقـع مـا عـدا مـا نـشـره الـ "تـيـت مـودرن" عـن الـمـعـرض. وأعـتـذر لأنّ ضـيـق الـمـسـاحـة الـمـخـصـصـة لـهـذا الـعـرض لا تـسـمـح بـذكـرهـا جـمـيـعـاً.
(1) أكـاديـمـيـة لـتـدريـس الـفـنّ فـتـحـهـا الـفـنّـان الـفـرنـسي  بـول رانـسـون Paul Ranson عـام 1908. وبـعـد وفـاتـه في الـعـام الـتّـالي تـرأسـتـهـا زوجـتـه مـاري فـرانـس. وقـد درّس فـيـهـا في بـدايـتـهـا أهـمّ الـفـنّـانـيـن الـشّـبـاب مـن رفـاق رانـسـون. وقـد درّس فـيـهـا بـعـد الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولى فـنـانـون مـن الـجـيـل الـتّـالي مـثـل روجـيـه بـيـسـيـيـر.
(2) ولـد روجـيـه بـيـسـيـيـر سـنـة 1886 وتـوفي سـنـة 1964. واحـد مـن أهـمّ فـنّـاني جـمـاعـة "مـدرسـة بـاريـس الـجـديـدة  La nouvelle école de Paris". مـارس الـتّـجـريـد وبـمـواد مـخـتـلـفـة، وبـدأ يـدرّس في أكـاديـمـيـة رانـسـون عـام 1923.
(3) تـعـني الـكـلـمـة الـفـرنـسـيـة " Dispute" : شـجـار أو نـقـاش حـاد يـمـكـن أن يـؤدي إلى نـزاع أو حـتّى إلى صـراع، وقـد تـرجـم عـنـوان لـوحـة الأمـيـرة فـخـر الـنـسـاء بـالإنـكـلـيـزيـة : 
 "Fight Against Abstraction".


  ©  حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح كـامـل الـنّـاصـري.
     يـرجى طـلـب الإذن مـن الـكـاتـب قـبـل إعـادة نـشـر هـذا الـمـقـال.