lundi 20 juin 2016

إسـمـاعـيـل الـشّـيـخـلي وتـلامـيـذه يـرسـمـون لـوحـتـيـن لـثـورة 14 تـمّـوز 1958



             

الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصـري 


مـا زلـت أذكـر انـبـهـارنـا نـحـن الـصّـغـار عـنـدمـا عـرفـنـا أنّ شـقـيـقـنـا رافـع (الّـذي كـان في الـثّـامـنـة عـشـرة مـن عـمـره) سـيـشـارك في رسـم لـوحـتـيـن واسـعـتي الـمـقـايـيـس عـن الـثّـورة ! وأنّ الـزّعـيـم عـبـد الـكـريـم قـاسـم هـو الّـذي طـلـب بـنـفـسـه مـن عـمـيـد مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة أن تـرسـم الـلـوحـتـيـن.
وقـد وقـع الإخـتـيـار عـلى الـفـنّـان إسـمـاعـيـل الـشّـيـخـلي، الأسـتـاذ في مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة، لـيـتـكـلـف بـمـهـمـة رسـم الـلـوحـتـيـن. واخـتـار الـشّـيـخـلي أربـعـة مـن تـلامـيـذه لـيـسـاعـدوه في تـنـفـيـذهـمـا، وكـان مـن بـيـنـهـم شـقـيـقـنـا رافـع.

ومـا زلـت أذكـر كـيـف كـنّـا نـتـحـلّـق حـولـه بـعـد عـودتـه في آخـر الـنّـهـار لـيـحـدثـنـا عـن تـقـدّم مـهـمـتـه الـبـاهـرة مـع أسـتـاذه وزمـلائـه، وكـيـف ذهـبـنـا بـعـد ذلـك لـنـرى الـلـوحـتـيـن عـنـدمـا نـصـبـتـا في سـاحـة (أظـن أنّـهـا سـاحـة الـتّـحـريـر) وفي مـكـان مـن شـارع الـرّشـيـد.
ولأنّ الـلـوحـتـيـن رسـمـتـا بـالـزّيـت عـلى خـشـب وبـمـقـايـيـس واسـعـة فـقـد نـصـبـتـا عـلى ركـائـز مـعـدنـيـة تـسـنـدهـمـا مـن أسـفـلـهـمـا ومـن خـلـفـهـمـا. وكـان عـلـيـهـمـا أشـخـاص كـثـيـرون : عـمـال وفـلاحـون وأفـنـديـة وجـنـود يـرفـعـون قـبـضـاتـهـم هـاتـفـيـن لـلـثّـورة ويـحـطـمـون الـقـيـود الّـتي تـسـاقـطـت تـحـت أقـدامـهـم ...

وقـد بـقـيـت الـلـوحـتـان مـدّة أشـهـر طـويـلـة في بـرد بـغـداد ثـمّ في شـمـسـهـا الـحـارّة، وضـربـتـهـمـا زخّـات الأمـطـار، وغـطـاهـمـا شـيـئـاً فـشـيـئـاً الـعـجـاج ودخـان الـبـاصـات الـمـسـود الـكـثـافـة وبـراز الـحـمـام ... وتـشـقـق خـشـب الـلـوحـتـيـن وتـكـسـرت طـبـقـات الألـوان وتـسـاقـطـتـا قـطـعـة بـعـد قـطـعـة ... حـتّى أزيـلـتـا في الـنّـهـايـة ... 

ولـم يـشـاهـد رافـع نـهـايـة الـلـوحـتـيـن الـحـزيـنـة، لآنّـه كـان قـد سـافـر إلى الـصّـيـن لـيـدرس فـنّ الـحـفـر عـلى الـخـشـب في أكـاديـمـيـة فـنـون بـكـيـن ... 

وعـنـدمـا ذهـبـت إلى عـمّـان في ربـيـع 2009 لأعـدّ كـتـابـاً عـنـه، تـكـلّـمـنـا عـن الـلـوحـتـيـن. وقـد أمـلى عـليّ مـا لـخـصـتـه في مـقـطـع صـغـيـر، ونـشـرنـاه مـن غـيـر صـورة تـصـاحـبـه، فـلـم يـكـن رافـع قـد احـتـفـظ بـصـور عـن الـلـوحـتـيـن :
"بـعـد أشـهـر مـن بـدايـة ثـورة 14 تـمّـوز 1958، الّـتي أطـاحـت بـالـنّـظـام الـمـلـكي وأقـامـت الـنّـظـام الـجـمـهـوري في الـعـراق، تـلـقّى أسـتـاذه إسـمـاعـيـل الـشّـيـخـلي طـلـبـاً رسـمـيـاً لـرسـم لـوحـتـيـن كـبـيـرتـيـن جـدّاً (300×500 سـم.) على الـخـشـب، لـتـنـصـبـا في مـيـدان رئـيـس في وسـط بـغـداد. فـشـارك رافـع الـنّـاصـري في تـنـفـيـذهـمـا مـع زمـلائـه مـحـمّـد مـهـر الـدّيـن ومـظـفـر الـعـابـد ومـوفـق الـوكـيـل". (مـن كـتـاب : "رافـع الـنّـاصـري، حـيـاتـه وفـنّـه". صـفـحـة 25. الـمـؤسـسـة الـعـربـيـة لـلـدّراسـات والـنّـشـر 2010).

ورغـم أنـني بـحـثـت عـن صـور لـلـوحـتـيـن فـلـم أجـد إلّا صـورة واحـدة لإسـمـاعـيـل الـشّـيـخـلي وتـلامـيـذه أمـام واحـدة مـن الـلـوحـتـيـن. ونـرى مـن الـيـمـيـن إلى الـيـسـار : مـظـفـر الـعـابـد ثـمّ إسـمـاعـيـل الـشّـيـخـلي ثـمّ مـوفـق الـوكـيـل (الّـذي يُـذكـر في بـعـض الـنّـصـوص بـاسـم مـوفـق أنـطـون) ثـمّ رافـع الـنـاصـري وأخـيـراً مـحـمّـد مـهـر الـدّيـن. 

                                 
 ووجـدت صـورة أخـرى لـم أسـتـطـع الـحـصـول عـلى سـمـاح بـنـشـرهـا، ولـكـنّي أنـشـرهـا مـع ذلـك لأنّـهـا جـزء مـن تـاريـخ الـعـراق الـثّـقـافي، لا يـحـق لأحـد أن يـحـتـكـرهـا، نـرى فـيـهـا الـلـوحـة الـثّـانـيـة وقـد نـصـبـت في شـارع الـرّشـيـد :





   حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح كـامـل الـنّـاصـري.    ©
                                            يـرجى طـلـب الإذن مـن الـكـاتـب قـبـل إعـادة نـشـر هـذا الـمـقـال.