mardi 22 avril 2014

إنـشـاء "قـاعـة الـصّـور" في بـغـداد عـام 1943

            

                                   

  الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصـري
                                                   

بـعـد أن طـرد الإنـكـلـيـز سـاطـع الـحـصـري مـن الـعـراق في عـام 1941، وكـان يـشـغـل مـنـصـب الـمـديـرالـعـام لـلآثـار الـقـديـمـة، عـيّـن يـوسـف رزق الله غـنـيـمـة لـيـخـلـفـه في مـنـصـبـه. وفي حـزيـران 1943 أنـشـأت مـديـريـة الآثـار الـقـديـمـة "قـاعـة الـصّـور The Picture Gallery "، ونـشـرت "دلـيـل قـاعـة الـرّسـوم الـوطنـيـة لـسـنـة 1943" الّـذي طـبـع في مـطـبـعـة الـحـكـومـة بـالـلـغـتـيـن الـعـربـيـة والإنـكـلـيـزيـة.

ومـاعـدا الـغـلاف الـعـربي مـن الـيـمـيـن والـغـلاف الإنـكـلـيـزي مـن الـيـسار :





يـضـمّ الـدّلـيـل كـلـمـة لـمـديـر الآثـارالـقـديـمـة الـعـام يـوسـف غـنـيـمـة بـالـعـربـيـة وتـرجـمـتـهـا بـالإنـكلـيـزيـة وقـائـمـة بـ "الـصّـور" بـالـعـربـيـة والإنـكـلـيـزيـة.

وكـان عـنـوان كـلـمـة يـوسـف غـنـيـمـة "قـاعـة الـصّـور The Picture Gallery " وتـحـت الـعـنـوان : "مـجـمـوعـة ثـابـتـة مـن لـوحـات زيـتـيـة ورسـوم مـصـنـوعـة في الـعـراق
A permanent Collection of Paintings and Drawings made in Iraq  "، ويـذكـر فـيـهـا أنّ الـمـديـريـة كـانـت قـد بـدأت بـجـمـع "الـصّـور الـمـعـروضـة في هـذه الـقـاعـة" مـنـذ أكـثـر مـن سـنـتـيـن، أي مـنـذ تـعـيـيـنـه مـديـراً لـهـا، وأنّـهـا تـضـمّ "صـورأشـخـاص ومـنـاظـر رسـمـت بـالـزّيـت أو بالألـوان الـمـائـيـة أو بالـقـلـم الـرّصاص أو بـالـفـحـم عـدا مـا تـتـضـمّـنـه مـن الـرّسـوم الأولـيـة (اسـكـتـشـات) الـمـخـطوطـة بـالـمـداد". والّـتي اخـتـيـرت "إمّـا لـمـزايـاهـا الـفـنّـيـة أو لأهـمـيـتـهـا، إذ تـمـثّـل طـبـيـعـة الـبـلاد وتـصـوّرأخـلاق أهـلـهـا". 

وكـان الـهـدف مـن إنـشـاء الـقـاعـة كـمـا كـتـبـه يـوسـف غـنـيـمـة : "أن تـكـون مـلـحـقـاً لـمـتـحـف الأزيـاء الـوطنـيـة الـمـجـاور لـهـا". وذكـر أنّ "بـعـض هـذه الـصّـور وعـلى الأخـص مـا يـتـعـلّـق مـنـهـا بـالـيـزيـديـة الـقـاطـنـيـن في مـنـطقـة الـشّـيـخـان قـد عـنـيـت بـوضـعـهـا هـذه الـمـديـريـة خـصـيـصـاً لـهـذه الـقـاعـة". ويـقـصـد يـوسـف غـنـيـمـة بهـا لـوحات عـطـا صـبـري وفـائـق حـسـن الـلـذيـن كـانـا قـد قـامـا بـسـفـرة إلى شـمـال الـعـراق لـرسـمـهـا. وكـان عـطـا صـبـري وفـائـق حـسـن قـد عـرضـا بـعـضـهـا في مـعـرض "جـمـعـيـة أصـدقـاء الـفـنّ" الُـثّـاني في  1942، والـثّـالـث في 1943.


أمّـا "الـصّـور" الأخـرى فـقـد ذكـر يـوسـف غـنـيـمـة أنّ الـمـديـريـة كـانـت قـد اشـتـرتـهـا "مـن الـمـعـارض الـفـصلـيـة والـدّوريـة الّـتي أقـامـهـا الـرّسـامـون الـعـراقـيـون في بـغـداد، وتـمّـت هـذه الـمـجـمـوعـة بـابـتـيـاع بـعـض إنـتـاج فـنـانـيـن أجـانـب أقـامـوا مـؤقـتـاً في بـغـداد". وذكـرأنّـهـا كـانـت "مـحـاولـة أولى لـتـكـويـن مـجـمـوعـة وطـنـيـة National collection  " عـلى أمـل أن تـكـون في يـوم مـن الأيّـام نـواة لـقـاعـة عـراقـيـة وطـنـيـة Iraqi national Gallery  ". 


ومـن هـذا نـرى أنّ الـفـكـرة كـانـت في ذلـك الـوقـت تـكـويـن قـاعـة لـلـفـنّ الـمـنـتـج في الـعـراق، سـواء كـان الـفـنّـان عـراقـيـاً أو أجـنـبـيـاً أنـتـج عـمـلـه في الـعـراق أو عـن الـعـراق، وهي ولا شـك أوسـع مـمـا وصـلـت إلـيـه فـيـمـا بـعـد أي مـتـحـفـاً  لـلـفـنـانـيـن الـعـراقـيـيـن فـقـط. 

كـانـت الـمـجـمـوعـة تـضـمّ 65 عـمـلاً :

34  "صـورة زيـتـيـة "، و 10 بـالـلـون الـمـائي، و 9 بـالـقـلـم، و 6 بـالـفـحـم (كـلّـهـا لـفـائـق حـسن) و 3 رسـم بالـمـداد (لـرسـامـيـن بـولـنـديـيـن) و 3 "كـاريـكـتـور" (لـسـعـاد سـلـيـم). 

والـفـنـانـون الـمـشـاركـون كـانـوا :

كـونـك  Koenig  (كـتـب سـتّ مـرّات كـونـك، ومـرتـيـن كـونـيـك)، 
شـارك بـ 8 أعـمـال.
والـمـقـصـود بـه ولا شـكّ الـرّسّـام الألـمـاني فـيـلـهـيـلـم كـونـيـغ  Wilhelm König ، وكـان قـد  أخـتـيـر في 1931 لـيــسـاعـد عـالـم الآثـارالألـمـاني يـولـيـوس يـوردان Julius JORDAN الّـذي عـيّـن مـديـراً لـلـمـتـحـف الـعـراقي في ذلـك الـعـام في رسـم الـقـطـع الأثـريـة وتـصـنـيـفـهـا. وقـد أقـام كـونـيـغ في الـعـراق إلى عـام 1940. ونـشـر بـعـد عـودتـه إلى ألـمـانـيـا كـتـابـاً عـن تـجـربـتـه الـعـراقـيـة : تـسـع سـنـوات في الـعـراق Neun Jahre Irak

حـافـظ الـدّروبي : 
شـارك بـ 3 أعـمـال، وكـان الـدّروبي قـد عـاد مـن بـعـثـتـه الـدّراسـيـة إلى رومـا في 1940،  وانـضـمّ إلى "جـمـعـيـة أصـدقـاء الـفـنّ" في 1941 وشـارك في مـعـارضهـا، وأنـشـأ أوّل مـرسـم حـرّ في 1942.

عـيـسى حـنّـا : 
شـارك بـ 3 أعـمـال. وكـان حـنّـا قـد شـارك في 1941 في تـأسـيـس "جـمـعـيـة أصـدقـاء الـفـنّ" مـع أكـرم شـكـري وكـريـم مـجـيـد، وشـارك في في مـعـارضـهـا.

أكـرم شـكـري :
شـارك بـ 3 أعـمـال.وكـان أكـرم شـكـري أوّل مـبـعـوث عـراقي إلى الـخـارج. درس في لـنـدن مـن 1931 إلى 1932. ثـمّ درّس الـرّسـم أربـع سـنـوات بـعـد عـودتـه إلى بـغـداد، وعـيّـن في مـديـريـة الآثـار الـقـديـمـة في 1936. وكـان قـد شـارك في أوّل مـعـرض زراعي صـنـاعي نـظّـم في بـغـداد عـام 1932، بـلـوحـة كان قـد رسـمـهـا في 1931، وبـعـثـها مـن لـنـدن، عـنـوانـهـا "ضـبـاب لـنـدن"، تـعـتـبـر أوّل لـوحـة "إنـطـبـاعـيـة" عـراقـيـة. وشـارك في تـأسـيـس "جـمـعـيـة أصـدقـاء الـفـنّ" في 1941، وشـارك في مـعـارضـهـا.

بـول هـريـس  Paul HARRIS  :  صـورة واحـدة بـالـلـون الـمـائي،

مـاتـوشـجـاك MATUSZEZAK ، واسـمـه الـصّحـيـح يـكـتـب Edward MATUSZCZAK
شـارك بـعـمـلـيـن.
ومـاتـوشـجـاك بـولـنـدي ولـد سـنـة 1906 والـتـحق بـأكـاديـمـيـة الـفـنـون الـجـمـيـلـة في كـراكـوف عـام 1930، وسـافـر في 1934 إلى بـاريـس، ودرس فـيـهـا الـفـنّ. وفي 1936 نـجـده في كـراكـوف رسّـامـاً وخـزّافـاً. وتـرك بـولـنـدة خـلال الـحـرب الـعـالـمـيـة الـثّـانـيـة ووصـل إلى بـغـداد في 1943 مـع قـوات
Polish II corps ، وشـارك في الـمـعـرض الّـذي نـظّـمـه في بـغـداد مـكـتـب الـفـنـون الـتّـشــكـيـلـيـة لـلـجـنـود الـرّسـامـيـن في هـذه الـقـوّات.

سـايـكـسSaykes
صـورة واحـدة بـالـلـون الـمـائي، 

تـركـفـيـتـج (وكـتـب مـرّة ثـانـيـة تـركـفـيـتـشـج) Turkivich ، واسـمـه الـصّـحـيـح هـو  Sygmunt TURKIEWICZ : شـارك بـعـمـلـيـن. 
وتـوركـفـيـتـج فـنـان بـولـنـدي مـعـروف ولـد سـنـة 1913 ووصـل إلى بـغـداد عـام 1943مـع الـقـوات الـبـولـنـدية Polish II corps. وقـد أدار مـكـتـب الـفـنـون الـتّـشـكـيـلـيـة لـهـذه الـقـوّات في بـغـداد مـع الـفـنّـان جـابـسـكي ونـظّـم مـعـرضـاً  لـلـجـنـود الـرّسـامـيـن الّـذيـن كـانـوا حـوالي 30 فـنّـانـاً وفـنّـانـة. وشـارك هـو نـفـسـه في هـذا الـمـعـرض.

فـلـدواسـكي Wiedlauazki (لا تـذكـرالـمـصـادر الّـتي تـكـلّـمـت عـن الـبـولـنـديـيـن في بـغـداد فـنـانـاً بـهـذا الإسـم): 
رسـم واحـد بـالـمـداد،

فـائـق حـسـن
شـارك بـ 15 عـمـلاً.
وكـان فـائـق حـسـن قـد عـاد مـن بـعـثـتـه الـدّراسـيـة إلى بـاريـس في 1938، وأنـشـأ فـرع الـرّسـم في مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة عـام 1939، ودرّس فـيـه. وقـد شـارك في الـمـعـرض الـثّـاني لـجـمـعـيـة أصـدقـاء الـفـنّ في 1942، وفي الـمـعـرض الـثّـالـث في 1943 بـلـوحـات زيـتـيـة كـان قـد رسـمـهـا في رحـلـة مـشـتـركـة مـع عـطـا صـبـري في شـمـال الـعـراق.  
      
عـطـا صـبـري
شـارك بـ 22 عـمـلاً.
وكـان عـطـا صـبـري قـد عـاد مـن بـعـثـتـه الـدّراسـيـة إلى رومـا في 1940، وعـمـل رسّـامـاً في مـديـريـة الآثـارالـقـديـمـة بـيـن 1940 و 1944، قـبـل أن يـمـارس الـتّـدريـس. وشـارك في مـعـارض "جـمـعـيـة أصـدقـاء الـفـنّ" في 1941 و 1942 و1943. وكـانـت مـشـاركـتـه في مـعـرضـيـهـا الـثّـاني والـثّـالـث بـلـوحـات زيـتـيـة كـان قـد رســمـهـا في رحـلـة مـشـتـركـة مـع فـائـق حـسـن في الـشّـمال، وعـرض صـوراً تـمـثّـل الـيـزيـديـة في مـنـطـقـة سـنـجـار.

 يـاريـمـا  YAREMA  واسـمـه الـصّـحـيـح يـكـتـب  Joszef JAREMA
شـارك بـصـورة زيـتـيـة واحـدة. 
ويـاريـمـا فـنـان بـولـنـدي مـعـروف ولـد سـنـة 1900.والـتـحـق بـأكـاديـمـيـة الـفـنـون في كـراكـوف عـام 1918. وفي 1923 شـارك في تأسـيـس "لـجـنـة بـاريـس Komitet Paryski " الـفـنّـيـة، وسـافـر مـع زمـلائـه أعـضاء الـلـجـنـة ومـن بـيـنـهـم جـابـسـكي إلى بـاريـس وبـقي فـيـهـا يـدرس الـفـنّ ويـشـارك في الـمـعـارض حـتّى عـام 1931، ووصـل مـع قـوات Polish II corps إلى بـغـداد في 1943. وشـارك في مـعـرض الـرّسـامـيـن الـجـنـود في بـغـداد.

سـعـاد سـلـيـم
شـارك بـ 3 أعـمـال (كـاريـكـتـور).  
وسـعـاد إبـن الـفـنّـان الـرّائـد الـحـاج مـحـمّـد ســلـيـم عـلي الـمـوصـلي وشــقـيـق الـفـنّـانـيـن جـواد ونـزار ونـزيـهـة سـلـيـم. رسـم الـكـاريـكـاتـيـر في الـجـرائـد والـمـجـلّات مـثـل جـريـدة "حـبـزبـوز" الّـتي صـدرت في 1931. و درّس سـعـاد سـلـيـم الـرّسـم في 1936، وأقـام مـعـرضـه الـشّـخـصي الأوّل في قـاعـة جـمـعـيـة حـمـايـة الأطـفـال عـام 1941. وقـد انـضـمّ إلى "جـمـعـيـة أصـدقـاء الـفـنّ" مـنـذ تـأسـيـسـهـا عـام 1941، وشـارك في مـعـارضـهـا، ونـشـر في نـفـس الـعـام كـتـابـاً بـثـلاثـة أجـزاء : "مـجـمـوعـة الـحـرب الـعـراقـيـة الـبـريـطانـيـة الـمـصـوّرة".

وكـمـا ذكـر يـوسـف غـنـيـمـة فـإنّ جـزءاً كـبـيـراً مـن الأعـمـال "صـور أشـخـاص" :

طـفـل، هـيـلـيـن، إمـرأة تـلـكـيـفـيـة : لـعـيـسى حـنّـا، 
صـبـيـان وأشـيـاء، فـتـاة : لأكـرم شـكـري، 
أطـفـال : لـتـركـفـيـتـج، 
أطـفـال : لـفـلـدواسـكي، 
مـيـرعـزيـز بـك، صـالـح بـك، رسـور حـاج أحـمـد، مـحـمّـد أمـيـن أغـا، فـتى مـن راونـدوز، كـرديـان مـن راونـدوز، أغـا دراجـان، راونـدوزي، أم الـرّسـام، قـرويـان : لـفـائـق حـسـن، 
إبـن الـشّـيـخ، أبـوعـبـد، فـتـاة مـن بـحـزاني، هـاني (إمـرأة يـزيـديـة مـن بـعـشـيـقـة)، شـيـخ عـادي، حـجي فـقـيـر شـمـو الـيـزيـدي، ريـحانـة ـ فـتـاة يـزيـديـة، الـيـتـيـم، صـبي يـزيـدي، فـيـروز حـجي الـيـزيـدي قـوال حـجي الـيـزيـدي، الـيـاس الـيـزيـدي، عـبـو عـجاج أغـا، سـعـيـد بـك، حـجي فـقـيـر شـمـو الـيـزيـدي، الـيـزيـديـة في مـهـرجـان الـرّبـيـع : لـعـطـا صـبـري.

والـجـزء الـمـهـمّ الآخـر مـن الأعـمـال مـنـاظـر طـبـيـعـيـة

نـخـيـل، الـصّـنـادل عـلى دجـلـة، غـروب، الـمـهـيـلـة، الـجـسـر : لـكـونـك، 
شـكـل بـغـداد، جـامـع الـمـراديـة : لـمـاتـوشـجـاك، 
دجـلـة مـن فـوق سـطح الـمـطعـم : لـسـايـكـس، 
راونـدوز، مـنـظـرمـن الأعـظـمـيـة، مـنـظـرفي ضـواحي بـغـداد، بـابـل، نـخـيـل : لـفـائـق حـسـن، 
قـريـة بـاعـذرا، قـريـة بـعـشـيـقـة، عـيـن سـفـني، مـدخـل شـيـخ عـادي : لـعـطـا صـبـري، 
خـانـقـيـن : لـيـاريـمـا، 

ثـلاث صـور كـاريـكـتـور تـحـمل نـفـس الـعـنـوان "صـفـحـة مـن الـحـيـاة الـعـراقـيـة " : لـسـعـاد سـلـيـم.

ومـع ذلـك تـبـقى اسـتـثـناءات قـلـيـلـة فـقـد رسـم أكـرم شـكـري "حـيـاة جـامـدة " في الـسّـمـاور، ورسـم كـونـيـك صـور حـيـوانـات : جـامـوس وجـامـوس الـمـاء.

ويـمـكـنـنـا أن نـلاحـظ، بـعـد قـراءة الـدّلـيـل، أنّ مـديـريـة الآثـار الـقـديـمـة ركّـزت جـهـودهـا عـلى شـراء "الـصّـور" أي الـرّسـوم والـلـوحـات، ولـم تـهـتـم بـالـمـنـحـوتـات.

ونـحـن لا نـعـرف الـمـعـايـيـر الّـتي اخـتـارت وفـقـهـا هـذه الأعـمـال، فـقـد كـان هـنـاك كـثـيـر مـن الـفـنـانـيـن في بـغـداد تـسـتـحـق أعـمـالـهـم أن تـدخـل في هـذه الـمـجـمـوعـة "إمّـا لـمـزايـاهـا الـفـنّـيـة أو لأهـمـيـتـهـا، إذ تـمـثّـل طـبـيـعـة الـبـلاد وتـصـوّرأخـلاق أهـلـهـا"  مـثـل جـواد سـلـيـم الّـذي كـان في بـغـداد في تـلـك الـسّـنـوات وشـارك في مـعـارض جـمـعـيـة أصـدقـاء الـفـنّ بـلـوحـات ومـنـحـوتـات. كـمـا أنّـهـا لـم تـدخـل في مـجـمـوعـتـهـا أعـمـال واحـد مـن أهـمّ الـفـنـانـيـن الـبـولـنـديـيـن الّـذيـن وصـلـوا إلى بـغـداد وأعـني بـه يـوسـف جـابـسـكي  Josef CZAPSKY الّـذي شـارك في إدارة  مـكـتـب الـفـنـون الـتّـشـكـيـلـيـة لـقـوّات Polish II corps في بـغـداد، وشـارك في الـمـعـرض الّـذي أقـامـه الـمـكـتـب فـيـهـا. ويـذكـر لـه دلـيـل هـذا الـمـعـرض مـن بـيـن مـا عـرض لـوحـة لـحي مـن أحـيـاء بـغـداد.
أمّـا عـن مـا حـدث لـهـذه "الـصّـور" بـعـد ذلـك، ومـاذا بـقي لـنـا مـنـهـا، فـسـنـتـتـبـعـه في مـقـال آخـر.



©   حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح كـامـل الـنّـاصـري. 
      يـرجى طـلـب الإذن مـن الـكـاتـب قـبـل إعـادة نـشـر هـذا الـمـقـال.

 

lundi 7 avril 2014

شـاكـر حـسـن آل ســعـيـد و "جـمـاعـة بـغـداد لـلـفـن ّالـحـديـث"


                    
                                             
            
 

  

الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصـري

مـقـدمـة :
في خـلال بـحـثي عـن تـاريـخ الـحـركـة الـفـنـيّـة في الـعـراق، وبـدايـة الـفـنّ الـحـديـث فـيـه وجـدت مـقـالاً في غـايـة الأهـمّـيـة كـتـبـه شـاكـر حـسـن آل سـعـيـد : "بـمـنـاسـبـة مـرور ربـع قـرن عـلى ظـهـور جـمـاعـة  بـغـداد لـلـفـنّ الـحـديـث"، ونـشـره في مـجـلّـة  "آفـاق عـربـيـة" الـعـراقـيـة، الـعـدد الـثّـاني، 1978. 
وهـو مـقـال طـويـل، في ثـمـاني صـفـحـات (مـن 94 إلى 101)، وكـان آل سـعـيـد عـنـدمـا كـتـبـه قـد جـاوز ســنّ الـسّــتـيـن.

والـمـقـال فـيـض مـن الـذّكـريـات يـنـثـال تـلـقـائـيـاً وعـفـويـاً وبـأسـلـوب أدبي مـجـنـح في كـثـيـر مـن أجـزائـه، تـتـخـلـلـه آراء وتـأمّـلات عـن الـفـنّ وعـن دوره وأهـمـيـتـه، بـدأه آل سـعـيـد كـسـرد مـتـتـابـع زمـنـيّـاً، ولـكـنّـه تـحـوّل بـعـد عـدّة  مـقـاطـع إلى اسـتـطرادات تـقـفـز الـسّـنـوات مـتـقـدّمـة ثـمّ تـعـود إلى الـمـاضي ثـمّ تـخـتـرق الـزّمـن مـن جـديـد نـحـو سـنـوات لاحـقـة، حـتّى شـمـلـت كـلّ فـتـرات حـيـاتـه. 
ومـا يـهـمّـنـا هـنـا هـو اسـتـخـلاص مـا يـتـعـلّـق بـنـشـأة "جـماعـة بـغـداد لـلـفـنّ الـحـديـث" مـن هـذا الـمـقـال.

آل سـعـيـد و جـواد سـلـيـم :

يـبـدأ آل سـعـيـد بـتـذكّـر الـفـتـرة : "الّـتي ظهـرت فـيـهـا جـماعـتـنـا إلى حـيـز الـوجـود". وكـان قـد أتـمّ  لـلـتـو دراسـتـه في دار الـمـعـلـمـيـن الـعـالـيـة عـام  1948. وكـان حـديـث الـمـعـرفـة بـجـواد سـلـيـم : "أسـتـاذي وصـديـقي في نـفـس الـوقـت".

ويـكـتـب بـعـد ثـلاث صـفـحـات : 
"قـدم جـواد سـلـيـم بـغـداد مـن لـنـدن عـام 1949، وفي نـفـس العـام أو العـام الّـذي يلـيه تـعـرّفـت عـلـيـه كـمـحـاضـر في دروس الـرّسـم  بـدار الـمـعـلـمـيـن الـعـالـيـة". ولـكـنّـه لا يـتـذكّـركـيـف تـعـرّف عـلى جـواد ســلـيـم : "ربّـمـا حـدث ذلـك بـمـجـرد الـتـقـائـنـا صـدفـة ولا بـدّ أنّ الـمـبـادرة كانـت مـنّي لـلـتّـعـرّف عـلـيـه"، فـقـد كان جـواد سـلـيـم فـنّـانـاً مـعـروفـاً بـيـنـمـا لـم يـكـن آل سـعـيـد إلّا في مـطـلـع حـيـاتـه الـفـنّـيـة، "وربّـمـا لأن ّ بـلـنـد الـحـيـدري كـان صـديـقـنـا نـحـن الإثـنـيـن، وكـان مـن الـمـحـبّـيـن لـجـواد، بـل مـن الـمـؤمـنـيـن بـرسـالـتـه الـفـنّـيـة والإنـسـانـيـة". ثـمّ يـكـمـل : "ولـكـنّي أذكـر جـيّـداً أنّي أعـجـبـت بـهـذا الإنـسـان الـفـذّ وأنـا أسـتـمـع إلـيـه يـحـاضـر عـن الـفـنّ الـبـدائي في مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيلـة حـوالي عـام 1942". 

ويـواجـهـنـا  في هـذه الـجـمـلـة الأخـيـرة إشـكـالان يـصعـب حـلّـهـمـا : أيـن تـعـرّف آل سـعـيـد عـلى جـواد سـلـيـم، في دار الـمـعـلـمـيـن الـعـالـيـة أم في مـعـهـد الـفـنـون وفي أيّـة سـنـة ؟

ويـشـيـر في مـكـان آخـر مـن نـفـس الـمـقـال إلى أنّ مـزيـتـه عـلى الآخـريـن كـمـدرّس لـلـعـلـوم الإجـتـمـاعـيـة إضـافـة إلى دراسـتـه الـفـنّ هي الّـتي وثّـقـت عـرى صـداقـتـه بـجـواد سـلـيـم :"وكـنـت أجـد فـيـه مـثـالاً أعـلى رائـعـاً لـلـفـنّـان الـعـراقي بـل والإنـسـاني".                                              

يـذكـر آل سـعـيـد في هـذا الـمـقـال كـيـف أنّـه أصـبـح مـسـؤولاً عـن عـائـلـتـه بـعـد وفـاة والـده، وكـيـف شـرع في الـعـمـل مـدرّسـاً في دارالـمـعـلـمـيـن الـرّيـفـيـة في بـعـقـوبـة : "الّـتي تـبـعـد عـن بـغـداد بـخـمـسـة وخـمـسـيـن كـيـلـومـتـراً"، وكـيـف أنّـه اسـتـمـرّ في مـتـابـعـة الـدّروس الـمـسـائـيـة في الـرّسـم في مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة في بـغـداد. ثـمّ يـتـذكّـر بـعـد ثـلاث صـفـحـات مـن نـفـس الـمـقـال : "أصـبـحـت طـالـبـاً عـام 1951 في مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة".

ونـفـهـم مـن ذلـك أنّ آل سـعـيـد اسـتـمـرّ يـتـابـع مـحـاضـرات في دارالـمـعـلـمـيـن الـعـالـيـة بـعـد تـخـرجـه مـنـهـا عـام  1948، وأنّـه تـعـرّف فـيـهـا عـلى جـواد سـلـيـم في 1949 أو 1950، ثـمّ  بـدأ "دراسـة فـنّـيـة صـرف" في مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة عـام 1951.

مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة : 

وتجـرّه ذكـريـاتـه إلى وصـف الـمعـهـد الّـذي : "كـان يـقـع يـومـئـذ في مـنـتـصـف الـطـريـق تـقـريـبـاً مـا بـيـن بـغـداد والأعـظـمـيـة في بـنـايـة أعـدّت كـمـا يـبـدو في الأصـل كـمـعـهـد لـلـتّـدريـس الـرّيـاضي، ثـمّ حـوّرت إلى مـعـهـد لـلـفـنـون. وكـانـت حـديـقـة هـذا الـمعـهـد الّـذي ظهـر صـدفـة إلى الـوجـود في غـايـة الـتّـنـاسـق  أو هـكـذا خـيّـل إليّ في حـيـنـه، فـهي مـكـتـظـة بـالأشـجـارالـوارفـة والـبـاسـقـة. يـتـوسّـطها مـسـبـح واسـع يـوصـل إلـيـه مـمـر يـبـدأ في الـبـنايـة الـمـجاورة الـرّئـيـسـيـة". 

وقـد زامـل آل ســعـيـد في الـمعـهـد طـلابـاً أصـبـحـوا بـعـد ذلـك مـن الـفـنـانـين الـمـعـروفـيـن وبـعـضهـم "مـن رواد الـنّـهـضـة الـفـنّـيـة في الـعـراق" مـثـل الـنّـحات مـحـمّـد غـني حـكـمـت ومـحـمّـد الـحـسـني. وتـعـرّف في دروس فـائـق حـسـن في فـن الـرّسـم على عـلي الـشّـعـلان وخالـد الـقـشــطـيـني ورسـول عـلـوان وهـنـري زفـوفـدا (زفـوبـودا) وبـوغـوص بـابـلـونـيـان وإحـسـان الـمـلائـكـة الّـذيـن كـانـوا يـتـابـعـون هـذه الـدّروس مـعـه. ووجـد في عـطـا صـبـري وفـائـق حـســن : "مـعـيـنـاً لا يـنـضـب مـن الـزّعـامـة الـرّوحـيـة لـجـيـلـنـا الـفـنّي". 

آل سـعـيـد ومـحـيـطـه الـثّـقـافي : 

وفي خـارج نـطـاق الـمـعـهـد، أحـكـم آل سـعـيـد صـلاتـه الـفـكـريـة والإنـسـانـيـة بـنـزارسـلـيـم، والـعـازف الـمـوسـيـقي سـلـمـان شـكـر وآخـريـن. 
                         
ورغـم عـمـلـه في الـتّـدريـس في الـنّـهـار ودراسـتـه الـمـسـائـيـة في الـمـعـهـد كـان آل سـعـيـد يـجـد الـوقـت لـلإلـتـقـاء بـالأصـدقـاء في مـقـهى يـاسـيـن "بـعـد انـتهـاء الـدّوام في الـمـعـهـد"، وكـان هـذا الـمـقـهى : "يـطـلّ عـلى نـهـر دجـلـة مـن جـهـة الـبـاب الـشّـرقي ... حـيـث يـزخـر بـالـزّوارق وسـرادق الـسّـبـاحـة الـصّـيـفي، يـمـتـدّ بـلـونـه الـذّهـبي مـتـوهّـجـاً تـحـت شـمـس الـغـروب. وحـيـث شـبـاب بـغـداد وشـابـاتـهـا زرافـات ووحـدانـا يـروّحـون عـن أنـفـسـهـم بـالـمـسـيـر وئـيـداً والـتّـمـتـع بـالـمـنـاظـر الـطّـبـيـعـيـة الـجـمـيـلـة، خـاصّـة في فـصـل الـرّبـيـع.

وكـان يـجـد فـيـه مـجـمـوعـة مـن أصـدقـائـه بـيـنـهـم "الـشّـاعـر الـمـجـدد حـسـيـن مـردان" و "الـشّـاعـر الـمـتـوثّـب والـمـتـحـمّـس دومـاً كـاظـم جـواد" و "الـشّـاعـر الإنـسـاني وصـديـق جـواد الـصّـدوق بـلـنـد الـحـيـدري". وكـان الـحـديـث بـيـنـهـم  "يـبـدأ بـالـسّـرد الـمـقـتـبـض لـلـوضـع الـسّـيـاسي الـيـومي ويـنـتـهي بـالـتّـحـلـيـل والـنّـقـد واسـتـعـراض مـسـيـرة الـعـمـل الـفـنّي، حـتّى صـار مـقـهى يـاسـيـن ومـن دون عـلـمـنـا مـخـتـبـراً فـكـريـاً رائـعـاً ... تـحـضّـرت فـيـه بـصـمـت مـشـاريـعـنـا الـفـنّـيـة الـشّـخـصـيـة والـجـمـاعـيـة".


ويـعـتـبـرآل سـعـيـد رواد الـمـقـهى : "جـمـاعـة فـنّـيـة رائـعـة تـضـمّ بـيـن جـوانـحـهـا الـرّسّـام والـمـوسـيـقي والـشّـاعـر والـفـيـلـسـوف والـقـاصّ ورجـل الأعـمال والـصّحـفي والـسّـيـاسي ورجـل الـقـانـون، وحـتّى رجـل الـشّـارع "، و يـعـتـبـر الـمـقـهى : "مـدرسـتـنـا الـفـكـريـة ومـحـطّـتـنـا الـفـضـائـيـة لـرحـلـة لـم نـكـن لـنـعـلـم بـدايـتـهـا ومـداهـا ومـنـتـهـاهـا". 

وفي مـقـهى يـاســيـن : "كـانـت نـزواتـنـا الـفـنّـيـة تـنـبـثـق بـبـسـاطـة وتـلـقـائـيـة لـتـصـبـح بـعـد ذلـك مـشـاريـع أدبـيـة أو فـنّـيـة ضـخـمـة، فـأشـعـار بـلـنـد الـحـيـدري وحـسـيـن مـردان وكـاظـم جـواد، وفـيـمـا بـعـد عـبـد الـوهـاب الـبـيـاتي وبـدرالـسّـيـاب عـاشـت مـراحـل طـفـولـتهـا فـيـهـا".

وكـان آل ســعـيـد يـبـكّـر في بـعـض الأحـيان في الـمـجئ إلى الـمـقهى لـيـنـجـز الـتّـخـطـيـطـات أو يـنـظـر إلى الـمـارّة : "مـتـذرّعـاً بـتـأمّـلي لـلـوجـود مـن مـنـطـلـق فـلـسـفي عـبـثي". وكـان يـتـنـاقـش في مـوضـوع الـفـنّ  مـع فـاضـل عـبّـاس ورسـول عـلـوان : "كـان نـقـاشـنـا لا يـنـتـهي إلى حـدّ، ولـكـنّي كـنـت أكـتـشـف بـواسـطـتـه كـلّ يـوم مـعـنى جـديـداً يـوسّـع مـن مـنـظـوري الـنّـقـدي ويـؤهـلـني لـلـمـسـاهـمـة في نـهـضـة الـفـنّ الـتّـشـكـيـلي الـمـحـلّي".
ويـذكـر أنّـه كان يـلـتـقي بـأصـدقـائـه أيـضـاً في الـمـقـهى الـبـرازيـلـيـة في وســط الـمـديـنـة، مـن جـهـة الـبـاب الـشّــرقي.

 

                 شـاكـر حـسـن آل سـعـيـد  و "جـمـاعـة بـغـداد لـلـفـن ّالـحـديـث"                                          

                                         الـقـسـم الـثّـاني


الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصـري 


ظـهـور "جـمـاعـة بـغـداد لـلـفـن ّالـحـديـث" :  

وصـف آل سـعـيـد في نـهـايـة الـقـسـم الأوّل مـن مـقـالـنـا ثـراء الـمـحـيـط الـثّـقـافي الّـذي كـان يـعـيـش فـيـه في بـغـداد في نـهـايـة أربـعـيـنـات الـقـرن الـمـاضي، وغـنـاه بـالـمـنـاقـشـات وتـبـادل الآراء مـمـا أدّى إلى تـنـمـيـة حـركـة الـتّـجـديـد في الأدب والـفـنّ. وكـان كـلّ هـذا يـؤلّـف، في رأيـه : "الـقـاعـدة الـفـكـريـة الأسـاسـيـة ولِـنـقـل الـلا شـعـوريـة لـظهـورالـجـمـاعـة، ومـن مـنـظـوري الـخـاص، إرتـفـاعـهـا إلى مـسـتـوى الـشّـعـور".  

فـبـيـن عـمـله الـمـرهـق في بـعـقـوبـة ورحـلـتـه الـيـومـيـة بـيـنـها وبـيـن بـغـداد، ودراسـتـه لـعـدّة سـاعـات في مـعـهـد الـفـنـون، واسـتـراحـتـه في الـمـقـهى : "تـفـتّـحـت مـواهـبي في الـتّـنـظـيـر الـفـنّي الـجـماعي"، "ذلـك أنّ طـبـيـعـة تـحـوّلي الـيـومي مـن مـدرّس في الـثّـانـويـة أو الـمـتـوسّـطة إلى تـلـمـيـذ في مـعـهـدالـفـنـون، ثـمّ إلى مـجـرد زبـون في الـمـقـهى ... هـذا الـتّـحـوّل الـسّـريـع مـن نـمـط ســيـكـولـوجي واجـتـمـاعي إلى آخـر حـضـاري يـحـتـوي في طـيّـاتـه ويـخـفي بـذور أيّ نـمـوّ روحي وأسـاسي في كـيـاني. ذلـك الـنّـمـو الّـذي أعـتـبـره الآن نـمـوّاً (مـعـراجـيـاً)، هـو الّـذي مـهّـد لاكـتـمال شــخـصـيـتي الـفـنّـيـة مـن حـيـث بـنـيـتـهـا الـشّـمـولـيـة، مـمـا أهّـلـني لـلإيـمـان بـالـفـكـرالـجـمـاعي". 

وقـد ألـهـبـت الأحـداث الـسّـيـاسـيـة ومـظاهـرات عـام 1948، ومـعـركـة الـجـسـر واسـتـقـالـة وزارة صالـح جـبـر وتـحـطـيـم مـعـاهـدة بـورتـسـمـوث حـمـاس آل سـعـيـد ورفـاقـه في الأعـوام الّـتي تـلـت ذلـك : "مـمـا حـبـب لـنـا الـرّسـم بـشـكـل اجـتـمـاعي واضـح". 

ونـتـوقّـف هـنـا قـلـيـلاً لـنـذكّـر الـقـارئ بـهـذه الأحـداث الـسّـيـاسـيـة الـتّي ذكـرهـا فـنّـانـا :

كـلّـف الـوصي عـبـد الإلـه صالـح جـبـر بـتـشـكـيـل حـكـومـة جـديـدة في آذار 1947. وسـافـر صالـح جـبـر إلى  مـيـنـاء بـورتـســمـوث Portsmouth  في جـنـوب إنـكـلـتـرة، ووقّـع  في كـانـون الـثّـاني 1948 مـعـاهـدة تـحـالـف بـيـن الـعـراق وبـريـطـانـيـا لـمـدّة عـشـريـن سـنـة. وحـالـمـا أذيـع تـوقـيـع الـمـعـاهـدة قـامـت مـظـاهـرات واســعـة في بـغـداد، وأطـلـقـت الـشّـرطـة الـنّـارعـلى الـمـتـظـاهـريـن وسـقـط عـدد مـن الـقـتـلى. وتـحـولـت حـركـة الـمـعـارضـة إلى "وثـبـة"، وامـتـدت إلى مـدن الـعـراق الأخـرى. وفي 27  كـانـون الـثّـاني  1948، أعـلـن الإضـراب الـعـام. ووقـعـت اشـتـبـاكـات بـيـن الـمـتـظـاهـريـن والـشّـرطـة في بـغـداد، وخـاصـة في مـعـركـة الـجـسـر (جـسـر الـشّـهـداء) الّـتي ســقـط فـيـهـا عـدد مـن الـقـتـلى. وقـد أجـبـرت الـوثـبـة حـكـومة صالـح جـبـر عـلى الإســتـقـالـة. وكـلّـف الـوصي عـبـد الإلـه مـحـمّـد الـصّـدر بـتـشـكـيـل وزارة جـديـدة أعـلـنـت إلـغـاء مـعـاهـدة بـورتـسـمـوث.                                             

ويـتـذكّـر آل سـعـيـد أنّـه تـبـادل الآراء مـع جـواد سـلـيـم عـن ظـهـور الـجـمـاعـات الـفـنّـيـة، فـقـد شـارك جـواد سـلـيـم في تـأسـيـس جـمـاعـة  "أصـدقـاء الـفـنّ" عـام 1941، والـتّي يـعـتـبـرهـا آل سـعـيـد : "بـودقـة كـبـرى صهـرت مـسـتـقـبـل الـفـن ّالـعـراقي مـع مـاضيـه، فـهي أوّل خـطـوة جـادّة في تـوحـيـد جـهـود الـفـنّـان الـفـرديـة". كـمـا كـان يـعـتـبـر أنّ "جـمـاعـة الـرّواد" الّـتي أنـشـأهـا فـائـق حـسـن في 1950، ضربـت مـثـلاً عـلى "جـرأة الـفـنّـان الـعـراقي في الـتـزامـه الـفـنّي كـأيّ فـنّـان أوربي". "وهـكـذا أصـبح الـطّـريـق مـعـبـداً أمـامـنـا، نـحـن شـبـيـبـة الـخـمـسـيـنـات، وأمـام جـواد سـلـيـم رائـدنـا في الـتّـفـكـيـر بـنـشـأة جـمـاعـة جـديـدة". 

وفي عـام  1951، فـاتـح آل سـعـيـد و مـحـمّـد الـحـسـني جـواد سـلـيـم بـأهـمـيـة تـأسـيـس جـماعـة جـديـدة. وبـعـد مـنـاقـشـة حـول بـنـيـة الـجـماعـة وتـسـمـيـتـهـا، إقـتـرح جـواد سـلـيـم اسـم  "جـمـاعـة بـغـداد لـلـفـن الـحـديـث"، وأتـفـقـوا عـلى ذلـك : "حـدث ذلـك  في ربـيـع عـام 1951 عـلى مـا أذكـر". ثـمّ يـكـتـب بـعـد صـفـحـتـيـن مـن نـفـس الـمـقـال : "أتـذكّـر الـيـوم والـسّـاعـة. أظـنّـه مـسـاء الـخـمـيـس في مـنـتـصـف نـيـسـان حـتّى لـكـأنّ هـذه الـذكـرى مـسـتـقـرة في خـفـايـا عـقـلي الـباطـن".

ويـصاحـب هـذا الـمـقـال صـورة لـ "شـاكـر حـســن يـلـقي الـبـيـان الأوّل لـجـمـاعـة بـغـداد لـلـفـنّ الـحـديـث 1951".




أمّـا عـن ضـرورة ظـهـور "جـمـاعـة بـغـداد لـلـفـن الـحـديـث" ومـا أضـافـتـه عـلى مـبـادرات سـبـقـتـهـا مـثـل  "جـمـاعـة الـرّواد"، فـيـكـتـب آل سـعـيـد : 
"جـمـاعـتـنـا الـفـنـيـة لـم تـعـتـمـد في نـشـأتـهـا عـلى أسـاس الـعـلاقـات الـصّـداقـيـة  كـالّـتي تـحـكّـمـت  في نـشـأة "جـمـاعـة الـرّوّاد"، بـل عـلى أسـاس جـديـد هـو الإلـتـزام الـفـنّي لـذاتـه. فـنـحـن لـم نـظهـر كـجـماعـة مـن الـهـواة بـل عـلى الـضّـد في ذلـك تـحـكّـم في ظهـورنـا كـونـنـا رسّـامـيـن فـحـسـب. أعـنى أنّ  جـمـاعـتـنـا لـم تـنـشـأ وهي مـشـروطـة بـالـخـروج إلى الـضّـواحي بـقـصـد الـرّسـم والـتّـرويـح عـن الـنّـفـس وسـمـاع الـمـوسـيـقى كـمـا كـان يـفـعـل الـرّواد  بـل بـالـبـحـث عـن (هـويـة) فـنـيـة جـمـاعـيـة  [ ...] وهي وثـيـقـة الـصّـلـة بـالـحـضـارة، ومـن هـنـا كـان أوّل مـا أشـرنـا إلى أهـمـيـتـه هـو أهـمـيـة الـتّـعـبـيـر عـن (الـطّـابـع الـمـحـلّي) في الـفـن بـالـعـودة إلى الـتّـراث".

"جـمـاعـة بـغـداد" والـتّـجـديـد في الـشّـعـر :  

يـتـطـرّق آل سـعـيـد في مـقـالـه إلى نـقـطـة شـديـدة الأهـمـية وهي ارتـبـاط نـشـأة "جـماعـة بـغـداد" بـتـجـربـة الـتّـجـديـد في الـشّـعـرالـعـراقي.

وهـو يـذكـر الـمـنـاقـشـات الّـتي جـرت في مـقـهى يـاسـيـن بـيـن رواد الـشّـعـر مـثـل  بـلـنـد الـحـيـدري وبـدر شـاكـر الـسّـيّـاب وعـبـد الـوهـاب الـبـيـاتي : "عـلى أن لـبـلـنـد الـحـيـدري يـعـزى تـوسـيـع دائـرة هـذا الإكـتـشـاف الـجـديـد مـن الـمـسـتـوى الأدبي الـخـاص بـالـشّـعـر إلى الـمـسـتـوى الـفـنّي الـمـحـتـوي عـلى الـوعي الـتّـشـكـيـلي والـنّـقـدي، فـبـلـنـد، بـحـكـم صـداقـتـه لـجـواد سـلـيـم و جـبـرا إبـراهـيم جـبـرا كـان يـتـمـتـع بـحـسّ نـقـدي تـشـكـيـلي مـرهـف، مـمـا قـيّـض لـه الـمـساهـمـة في تـحـريـك دولاب الإبـداع الـفـنّي بـعـمـق. وكـان جـواد يـسـتـمع إلـيـه ويـصـحـح مـن مـواقـفـه بـاسـتـمـرار، كـمـا كـنّـا كـثـيـراً مـا نـتـجـادل مـرّة حـول الـرّسـم أو الـنّـحـت ومـرّة أخـرى حـول الـشّـعـر وأهـمـيـة تـحـطـيـم الأوزان الـتّـقـلـيـديـة والإقـتـصـار عـلى الـتّـفـعـيـلـة الـواحـدة. وهـكـذا فـإنّ مـن خـلال هـذا الـتّـنـاوب في تـنـاول الأدب والـفـنـون الـتّـشـكـيـلـيـة  كـمـنـت بـوادر الإنـطلاق نـحـو تـجـديـد فـنّي أصـيـل. فـجـمـاعـة بغـداد، مـنـذ ذلـك الـوقـت الـمـبـكّـر في الـتّـمـلّـص مـن تـأثـيـرات الـفـن الأوربي اسـتـنـجـدت بـانـتـصـارات رواد الـشّـعـر الـعـراقي الـجـدد".                                  

مـعـارض الـجـمـاعـة : 

"ثـمّ حـلّـت الـلـحـظـة الّـتي تـرسّــخـت فـيـهـا أولى خـطـواتـنـا بـإنـجـازنـا لـلـمـعـرض الـفـنّي الأوّل. لـقـد كـان هـذا الـمـعـرض نـقـطـة انـطـلاقـنـا كـمـا كان بـؤرة تـجـمـعـنـا أيـضـاً". .                                                
ولا يـذكـر آل سـعـيـد الـعـام الّـذي أقـيـم فـيـه هـذا الـمـعـرض. ولـكـنّ تـعـلـيـقـاً عـلى صـورة تـصـاحـب الـمـقـال يـذكـر : "جـواد ســلـيـم يـحـاضـر في حـفـلـة افـتـتـاح مـعـرض جـمـاعـة بـغـداد لـلـفـنّ الـحـديـث الأوّل 1951". 

ويـكـتـب آل ســعـيـد في مـكـان آخـر مـن الـمـقـال : "جـمـعـنـا أعـمـالـنـا في مـكـان مـا (لـعـلـه مـعـهـد الـفـنـون الـجـمـيـلـة) وتـعـهـد جـواد بـنـقـلـها في ســيـارتـه [ ...]. وأفـرغـنـا حـمـولـتـنـا أمـام مـبـنى مـتـحـف الأزيـاء ســابـقـاً، ثـمّ تـعـاونّـا في نـقـل الـلـوحـات وتـهـيـئـة الـمـعـرض مـعـاً".

ويـذكـرآل سـعـيـد أنّ الّـذيـن شـاركـوا في الـمـعـرض الأوّل كـانـوا : جـواد سـلـيـم ولـورنـا سـلـيـم وشـاكـر حـسـن آل سـعـيـد ومـحـمّـد الـحـسـني  وقـحـطـان عـبـد الله عـوني  ونـزار عـلي جـودت وريـشـار كـنـادا ومـحـمـود صـبـري، ويـكـتـب :
"ورافـق افـتـتـاح الـمـعـرض حـفـلـة أخـرى في حـديـقـة مـتـحـف الأزيـاء تـضـمّـنـت مـحـاضـرة لـجـواد سـلـيـم حـول الـفـنّ والـجـمـهـور، وتـلاوة لـلـبـيـان الأوّل لـلـجـمـاعـة، ثـمّ حـفـلـة مـوسـيـقـيـة أحـيـاهـا الـمـهـنـدس مـنـيـر الله ويـردي (كـلارنـيـت) و وارتـان مـانـوكـيـان (كـمـان أوّل) والـدّكـتـور سـامي الـشّـيـخ قـاسـم (كـمـان ثـاني) وفـؤاد رضـا (فـيـولا) وآكـوب قـبـومـجـيـان (جـلـو). كـمـا نـوقـشـت بـعـض الآراء والـمـفـاهـيـم ... كـان حـفـلاً رائـعـاً".


وقـد نـشـر جـبـرا إبـراهـيـم جـبـرا في كـتـابـه "جـواد سـلـيـم و نـصـب الـحـريـة" (مـن ص. 189 إلى ص. 194) كـلـمـة جـواد سـلـيـم في افـتـتـاح الـمـعـرض. 
ويـبـدأ جـواد فـيـهـا بـمـقـارنـة الـفـنـان بـالـكـاتـب في بـلـد فـيـه 97 %  مـن الأمـيـيـن : "أمـا أنـا، كـنـحّـات أو مـصـوّر فـلا فـرق بـيـني وبـيـن الـكـاتـب. إنـني أنـظـر أنـا الآخـر، ولـكـنّ مـا أراه لا يـثـيـر فيّ تـلـك الـرّمـوز الـعـجـيـبـة الّـتي يـجـيـدهـا الـكـاتـب، بـل هـنـاك رمـوز أخـرى تـنـبـعـث في رأسـي هي الـخـطـوط  والألـوان والـفـورم : هي لـغـتي الّـتي أجـيـدهـا وأضـعـهـا في لـوحـة أو تـمـثـال، ثـمّ  أقـول: " أنـظـر!" أو " إقـرأ !" رمـوزي، فـإن كـنـت لا تـريـد أن تـتـريّـث قـلـيـلاً وتـنـظـر، أو كـنـت واحـداً مـن تـلـك الـنّـسـبـة الـمـؤيـة، فـأنـت في عـالـم بـعـيـد عـن عـالـمي".  

وبـعـد أن يـنـتـقـد ضـحـالـة اهـتـمـامـات مـعـاصـريـه في بـغـداد وسـطـحـيـة أفـكـارهـم يـقـول : "هـذا هـو الـتّـذوّق الـعـام، وهـنـا في هـذا الـمـعـرض، إنـنـا نـحـاول أن نـنـاسـب مـا تـنـتـجـه الـبـشـريـة ولـو إلى حـد ضـئـيـل بـالـلـغـة الـعـالـمـيـة (الـتّـصـويـر) كـعـراقـيـيـن، مـسـتـلـهـمـيـن مـا يـثـيـرنـا في طـبـيـعـتـنـا ومـحـيـطـنـا الـمـتـحـضـر"، "والـزّمـرة الّـتي تـتـذوق الـفـنّ والـتّـصـويـر مـن جـمـهـورنـا تـفـرض عـلـيـنـا إرادتـهـا بـصـورة عـجـيـبـة : هـؤلاء يـريـدون أن نـرسـم تـفّـاحـة ونـكـتـب تـحـتـها (تـفّـاحـة) ومـنـظـر الـغـروب عـلى دجـلـة و نـكـتـب (غـروب) أو صـورة نـخـيـل و تـحـتـهـا (نـخـيـل) أو فـتـاة جـمـيـلـة، ويـجـب أن تـكـون جـمـيـلـة لأنّ الـفـنّ جـمـيـل ونـكـتـب تـحـتـهـا بـخـط جـمـيـل (الإنـتـظـار)"، "فـمـاذا تـعـني صـورة نـخـيـل رسـمـت كـمـا يـراهـا الـفـوتـوغـراف؟ وأيـن الـتّـعـبـيـر في صـورة تـفّـاحـة نـقـلـت نـقـلاً حـرفـيـاً ؟  في الـتّـصـويـر، نـاحـيـة الـهـارمـوني في الألـوان مـعـقـدة ومـهـمّـة كـمـا في الـمـوسـيـقى، فـالألـوان لا تـأتي عـرضـاً في الـصّـورة الـجـيّـدة. وفي كـلّ صـورة تـجـانـس خـاص يـغـيـر روحـيـة الـصّـورة مـع الـخـطـوط  والـبـعـد والـظّـل والـضّـوء. والـفـنّ الـحـديـث هـو فـنّ الـعـصـر، والـتّـعـقـيـد فـيـه نـاتـج عـن تـعـقـيـد الـعـصـر. إنّـه يـعـبـرعـن أشــيـاء كـثـيـرة : الـقـلـق والـخـوف والـتّـبـايـن الـهـائـل في أكـثـرالأشــيـاء والـمـجـازر الـبـشـريـة و ابـتـعـاد الإنـسـان عـن الله ، ثـمّ الـنّـظـر الـجـديـد إلى الأشـيـاء بـمـا أحـدثـتـه الـنّـظـريـات الـجـديـدة في عـلـم الـنّـفـس وبـاقي الـعـلـوم".                                                 

وأقـيـم مـعـرض الـجـمـاعـة الـثّـاني في 1953، وانـضـمـت إلـيـهـم  نـزيـهـة سـلـيـم وكـذلـك رسـول عـلـوان وحـافـظ الـدّروبي ومـحـمّـد غـني وهـنـري لـويـس. أمّـا الـمـعـرض الـثّـالـث فـقـد تـبـعـه في 1954 وانـضـمّ إلـيـهـم بـوغـوص بـابـلـونـيـان وطـارق مـظـلـوم وفـرج عـبـو وخـالـد الـرّحـال وخـلـيـل الـورد وعـلي الـشّـعـلان : "وهـكـذا فـفي بـحـر ثـلاث سـنـوات أصـبـح عـددنـا يـربـو عـلى الـسّـتـة عـشـر رسّـامـاً ونـحـاتـاً". 

وفي عـام 1955 سـافـر شـاكـر حـسـن آل سـعـيـد إلى بـاريـس لإكـمـال دراسـتـه الـفـنّـيـة، وفي نـفـس الـفـتـرة تـقـريـبـاً سـافـر مـحـمّـدالحـسـني ومـحـمّـد غـني وخالـد الـرّحـال وبـوغـوص بـابـلونـيـان : "ولـكـنّ جـمـاعـتـنـا كـانـت في نـمـو مـسـتـمـر، فـحـتّى عـام 1957 ظـهـرت أسـمـاء جـديـدة في عـضـويـة جـمـاعـة بـغـداد مـثـل نـزارسـلـيـم وعـبـد الـرّحـمـن الـكـيـلاني  وأيـان أولـد ومـيـران الـسّــعـدي، ثـمّ انـضـمّ إلـيـهـم في الـعـام الـتّـالي إسـمـاعـيـل فـتـاح والـفـريـد الـرّحـال وفـالـنـتـيـوس كـلاكـومـبـوس وغـالـب نـاهي". .                                     

وقـد انـســحـب بـعـض الأعـضـاء مـن الـجـمـاعـة :  "مـثـل حـافـظ الـدّروبي الّـذي كـوّن لـه جـمـاعـة جـديـدة عـرفـت بـجـمـاعـة الإنـطـبـاعـيـيـن، ومـحـمـود صـبـري الّـذي عـرض في الـمـعـرض الأوّل ثـمّ آثـر الـعـودة إلى جـمـاعـة الـرّواد ثـانـيـة". "...  مـع ذلـك، فـقـد اسـتـمـرّت الـجـمـاعـة تـحـمـل مـسـؤولـيـتـهـا كـامـلـة  طـوال فـتـرة الـسّــتـيـنـات. أمّـا في مـطـلـع الـسّــبـعـيـنـات فـقـد انـضـمّ لـلـجـمـاعـة آخـرون مـثـل مـحـمّـد عـارف وعـبـد الـرّحـيـم الـوكـيـل وإبـراهـيـم الـعـبـدلي وسـلـمـان عـبّـاس وفـؤاد جـهـاد". 

ويـتـوقّـف آل سـعـيـد هـنـا في سـرده ولا يـذكـر في أيّـة فـتـرة مـن الـسّـبـعـيـنـات انـحـلّـت الـجـمـاعـة وانـتـهـت نـشـطـاتهـا.                                        

وإذا قـرأنـا أسـمـاء أعـضـاء الـجـمـعـيـة كـمـا ذكـرهـم آل سـعـيـد نـسـتـطـيـع أن نـلاحـظ أنّ بـيـنـهـم، مـا عـدا جـواد سـلـيـم سـبـعـة نـحّـاتـيـن آخـريـن : خـالـد الـرّحـال وطـارق مـظـلـوم وخـلـيـل الـورد وعـبـد الـرّحـمـن الـكـيـلاني ومـحـمّـد غـني حـكـمـت ومـحـمّـد الـحـسـني ومـيـران الـسّــعـدي. 

أعـضاء جـمـاعـة بـغـداد لـلـفـن الـحـديـث :

وضـع شـاكـرحـسـن آل سـعـيـد، في بـداية مـقـالـه، قـائـمـة بـأعـضـاء الـجـماعـة نـذكـرهـم حـسـب تـرتـيـب فـنّـانـنـا لـهـم :
جـواد سـلـيـم، شـاكـرحـسـن، مـحـمّـد الـحـسـني، جـبـرا إبـراهـيـم جـبـرا، قـحـطـان عـبـد الله، مـحـمـود صـبـري، فـاضـل عـبّـاس، نـزارعـلي جـودت، نـزيـهـة سـلـيـم، لـورنا سـلـيـم، كـانـثي وود، مـحـمّـد غـني، عـلي الـشّـعـلان، خـلـيـل الـورد، عـبـد الـرّحـمـن الـكـيـلاني، حـافـظ الـدّروبي، خـالـد الـرّحّـال، بـوغـوص بـابـلـونـيـان،  إسـمـاعـيـل فـتّـاح، إبـراهـيـم الـعـبـدلي، سـلـمـان عـبّـاس، مـحـمّـد عـارف، مـيـران الـسّـعـدي، إحـسـان الـمـلائـكـة، خـضـيـر الـشّـكـرجي، ثـريـا الـنّـوّاب، رسـول عـلـوان، طـارق مـظـلـوم، فـؤاد جـهـاد. 

ونـلاحـظ أنّ آل سـعـيـد نـسي أن يـضـع في الـقـائـمـة بـعـض مـن ذكـر، في داخـل الـمـقـال، أنّـهـم كـانـوا قـد انـضـمّـوا إلى الـجـماعـة مـثـل : أيـان أولـد والـفـريـد الـرّحـال وفـالـنـتـيـوس كـلاكـومـبـوس وغـالـب نـاهي.


©   حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح كـامـل الـنّـاصـري. 
       يـرجى طـلـب الإذن مـن الـكـاتـب قـبـل إعـادة نـشـر هـذا الـمـقـال.